استراتيجية متكاملة ومرنة لإدارة المياه وإنتاج الطاقة في الوسط الواحاتي
تهدف هذه الاستراتيجية إلى تقديم مقاربة مبتكرة لإدارة المياه وإنتاج الطاقة في البيئات الواحاتية الجافة، مثل واحة تجكجة في موريتانيا، من خلال تحويل الفيضانات الموسمية المدمرة إلى فرصة لتعزيز الأمن المائي، دعم التنمية الاقتصادية، وضمان الاستدامة البيئية.
- السياق والإشكالية
يعاني الوسط الواحاتي في المناطق القاحلة من مفارقة هيدرولوجية:
- من جهة، هناك ندرة مزمنة في المياه، مع انخفاض مستمر في المخزون الجوفي وتهديد للأنشطة الزراعية التقليدية.
- ومن جهة أخرى، تشهد المنطقة خلال موسم الأمطار فيضانات مفاجئة وقوية، حيث تتدفق المياه بسرعة في الأودية نحو الصحراء دون أن تستفيد منها الأرض عبر التسرب.
المعضلة الأساسية تكمن في كيفية تحويل هذه الفيضانات المدمرة إلى مصدر دائم للمياه والطاقة.
- أهداف المشروع
الهدف الرئيسي هو وضع وتنفيذ نظام لإدارة مياه الفيضانات يكون اقتصادياً مجدياً، اجتماعياً عادلاً، وبيئياً مستداماً.
الأهداف الفرعية:
- تغذية طبقة المياه الجوفية: إبطاء جريان السيول لتعزيز تسربها إلى باطن الأرض.
- تأمين مياه الشرب: تحسين الكمية والجودة لصالح السكان المحليين.
- إنتاج طاقة متجددة: إنشاء مصدر كهرباء لامركزي يدعم استقلالية المنطقة الطاقية.
- إنعاش اقتصادي واجتماعي: دعم الزراعة الواحاتية، تعزيز الاقتصاد المحلي، وخلق فرص جديدة للعمل.
- المقاربة التقنية والحلول المبتكرة
تعتمد الاستراتيجية على نهج مزدوج: مرن ومتعدد الوحدات، يتم نشره على طول الوادي لزيادة الأثر.
أ. الحل قصير المدى: تدعيم البنى التحتية القائمة
- تحويل المعابر الطرقية الحالية إلى حواجز ظرفية صغيرة متدرجة.
- تدعيم الطرق بأساسات خرسانية لتركيب بوابات غير ثابتة تتحكم في تدفق المياه.
- حل عملي سريع، لكنه محدود على المدى الطويل.
ب. الحل طويل المدى: إنشاء جسور ـ سدود جديدة
- بناء منشآت حديثة مخصصة لإدارة المياه وضمان حرية التنقل بين ضفاف الأودية.
- رفع البوابات أثناء بداية الفيضان لتمرير المياه.

- خفضها بعد الذروة لإنشاء بحيرات مؤقتة تساعد على تغذية الطبقة الجوفية بالمياه.

(مثال: جسر مجهز ببوابات في وضع الإغلاق حسب الحاجة)
ج. وحدات إنتاج الطاقة
يتكون النظام من وحدات مستقلة قابلة للتكرار:
- خزان سفلي: حوض خرساني مدفون في مجرى الوادي، يمتلئ فقط أثناء الفيضانات الكبيرة.
- خزان علوي: برج مائي مجهز بخزان في الأعلى.
- دائرة طاقية مغلقة:
- مرحلة الضخ (تخزين الطاقة): مضخة تعمل بالطاقة الشمسية ترفع المياه من الخزان السفلي إلى العلوي.
- مرحلة التوليد: يتم تحرير المياه لتعود للخزان السفلي لتشغيل توربين متصل بمولد كهربائي.

(وحدة من دورة مغلقة لتوليد الطاقة الكهرومائية)
- المرونة، المزايا، والأثر الإقليمي
النهج المرن يوفر عدة مزايا:
- مرونة مالية: يمكن البدء بوحدة واحدة وتوسيع المشروع حسب التمويل.
- عدالة تنموية: توزيع البنى التحتية على عدة مدن مثل تجكجة، الرشيد، ولحويطات، بحيث تستفيد كل منطقة من مياهها وطاقة خاصة بها.
- شبكة كهربائية ذكية: ربط جميع الوحدات يكوّن شبكة إقليمية قوية ومرنة.
- استدامة واندماج: الجمع بين إدارة المياه والطاقة الشمسية يحول ندرة المياه وكثرة الشمس إلى رافعة للتنمية المستدامة.
- الخاتمة
يمثل هذا المشروع حلاً مبتكراً وشاملاً لتحديات الماء والطاقة في الوسط الواحاتي.
من خلال الاعتماد على منشآت مرنة وتقنيات هجينة (مائية ـ شمسية)، يتيح المشروع الانتقال من حلول محلية صغيرة إلى شبكة إقليمية واسعة، تلبي احتياجات:
- الأمن المائي،
- التنمية الاقتصادية،
- العدالة الاجتماعية.
وبذلك تتحول الموارد الطبيعية المحلية إلى محرك أساسي لازدهار مستقبلي مستدام.فيرة) إلى أدوات رئيسية للتنمية المستدامة.
—
5- الخاتمة
يمثل هذا المشروع حلاً مبتكراً وشاملاً لتحديات المياه والطاقة في الوسط الواحاتي. فبفضل اعتماده على بنى تحتية مرنة ودمجه بين تقنيتي المياه والطاقة الشمسية، يقدم بديلاً عملياً وقابلاً للتطوير.
يكمن جوهر قوته في قدرته على التحول من حل محلي إلى شبكة واسعة من البنى الإقليمية، تُعزز الأمن المائي، التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وتجعل من الموارد الطبيعية للمنطقة محركاً لازدهارها المستقبلي.
زيني محمد الأمين عباس
30 أوت 2025