مايو 13, 2013
هل من مبرّر موضوعي للتفاؤل بالربيع العربي؟
لا شك أن النزعة الطاغية على المستوى الشعبي وفي أوساط بعض خاصة النخب هي التفاؤل بأن تكون أوضاع ما قبل ثورات الربيع العربي بكل تناقضاتها والمآسي طي رفوف التاريخ ونظرتهم للمستقبل غالبا ما تكون حالمة حلم البساطة والسذاجة أحيانا.
لست من هؤلاء قطعا ولا أستطيع أن أتجرّع بمجرّد الأمل كل ما صاحب الأحداث وما لا يزال يتبعها ويترتب عليها في هذا البلد أو ذاك من مقزز استباحة الأرواح دون وجه حق أو مبرّر تبصّر مصلحة ولا أفضل أن أصف كل ما حدث بالثورة ولا حتى بالربيع ولست متفائلا ولا متشائما بل في منزلة بين المنزلتين اضطرارا “متشائل” أو “متفائم”.
أرى الوضع موضوعيا بلوغ أنظمة الظلم والجور والاستبداد مداها، تلك الأنظمة التي أساءت إدارة وتسيير الدول التي ورثتها الشعوب عن الحقبة الاستعمارية بأساليب تسييرها ومناهج إدارتها وحتى بمنظوماتها القانونة في بعض الأحيان ومحصلة ذلك انهيار الدول بحماقة القائمين عليها تلك الحماقة التي وفّرت لها ظروف استدامة الحكم دون منازع في ظل استقالة الشعوب واستفراد الحكام بمن يعارضهم مقوم رسوخ القدم في لاوعي
الزعماء ومن حولهم.
الزعماء ومن حولهم.
الأنظمة بالنسبة لي مصطلح يشمل إلى جانب الرموز وأعوانهم والحواشي الشعوب التي كانت دائما وستبقى الأداة الأولى والأخيرة لكل استبداد ولك دكتاتورية وأكثر ما يشير إلى صدق هذه الرؤية الناقدة لمواقف الشعوب هو ما بدا منها من سذاجة الانخداع بوعود كل هواة السياسة وتجار الدين وأصحاب كفاءات الزنزانات والسجون لحد تسليمهم مفاتيح إدارة وتسيير شأنها العام في وضع الحرج الذي وجدت نفسها فيه بعد كل الفوضى والضبابية التي طبعت وتطبع الأحداث على الأرض.
أخطاء الشعوب التي لا تغتفر في نظري تكمن في قابليتها للخنوع والاستقالة ونزعتها لرمي أحمال تدبير شأنها العام على كل من تتوفر له أسباب التموقع منها حيث التحكم في دواليب الإدارة والتسيير بأي طريقة كانت، كذلك فعلت مع زعمائها الدكتاتوريين الذين ثارت عليهم لحد أنها تقبّلت أن تكون أوطانها مختزلة في شخوصهم ولم ينذرها توريث رقابها لفساد سلالاتهم ولا بشاعة جورهم واستبدادهم واستباحتهم للحريات الفردية والجماعية وهي ما تزال في نفس طريق عدم الاكتراث بما يمارس باسمها من الهواية السياسية وسوء التصرف في المال العام والمجازفة بعلاقات الدول الاستراتيجية وفق الأهواء والعواطف وشعبية الفكر والتفكير.
شعوبنا ينطلي عليها الخداع وببسيط الخطاب ومبتذله تشترى وتباع. بلداننا هدمناها على رؤوسنا وما يزال هدمها متواصلا ولا أمل في أن تكون إعادة البناء ممكنة ولو شكليا في المستقبل القريب ناهيك عن كيفية البناء أديمقراطية نتطلع لها جميعنا ولا تتوفر ظروف الوعي الكفيل باستدامتها أم دكتاتوريات الانتقام والتشفي أم تيوقراطيات من رفوف التاريخ.
زيني محمد الأمين عبّاس
13 ماي 2013