أغسطس 29, 2014

موقف صريح من الحجاب والنقاب (مقال قديم بمضمون دائما متجدد)

By زيني محمد الأمين عباس

 المرأة التي تقبل أن تتوارى شخصيتها خلف قطعة قماش بدعوى أن ذلك فرض ديني لا ترى لنفسها من قيمة أو معنى سوى أنها جسد هي تحسبه مثير ولزم حجبه عن أنظار الآخرين خاصة من جنس الذكور والموضوعية والقراءة السليمة للمسألة الدينية تقولان إن أوهامها وأوهام من يسعون لفرض تلك الفكرة وترسيخها في عقول النساء ويفرضونها على المجتمع باسم الدين مجرّد عقدة منبثقة عن جهل مركب. 


العورة التي هي في الأساس مثار الجدل حول اللباس شكلا ومضمونا مفهوم اعتباري ونسبي بامتياز وعلى من لا يستسيغ مثل هذا الخطاب أن يعود لتفاسير الآيات القرآنية التي يستدلون بظاهر معانيها جهلا وأن يبحث في كتب الفقه عن مفهوم العورة وأن يعي أن دين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلّم يبيح النظر إلى أجزاء من جسد المرأة أبعد من مجرد الوجه والشعر والكتفين ولم يأمر بتغطية بعض تلك الأجزاء بخلفية حرمة النظر إليها لعيب أو نجاسة فيها بقدر ما أمر بالتغطية في الزمان والمكان لاتقاء الفتن. 

عورة المملوكة في الإسلام كعورة الرجل ما بين سرتها وركبتها رغم أنها من جنس الإناث وفي ذلك دلالة على أن المراد منعه والحفاظ عليه في قراءات بعض الفقهاء هو ما لهذا الرجل أو ذاك من حق تفرّد بجسد هذه المرأة أو تلك من منطلق حماية العرض أو من منطلق إباحة التفرّد بمثيرات المتعة في الجسد بموجب عقد مجتمعي أو شرعي يغيب بمقتضاه وينتفي مفهوم العورة بشكل تام إذ لا عورة للمرأة مع زوجها ولا للزوج مع زوجته في الإسلام. 

المرأة التي تلبس الحجاب أو النقاب باسم حريتها الشخصية نحترم لها ذلك ونقره ولا نثمنه أما إن لبست أحدهما من خلفية عقيدة أو إيمان بأن ذلك واجب شرعي أو فريضة إسلامية فلا نوافقها في ما ذهبت إليه أو ما انصاعت له من أوامر الرجال غير النافذين لقراءة النصوص القرآنية بموجباتها من علم وتمكن بدلالات ومعاني اللغة ودراية أو إطلاع على أسباب النزول التي تحدد المرسل والمقيد من معاني النص أو ألئك الذين يعتقدون أن الأحاديث النبوية – على اختلاف صحة إسنادها وروايتها من عدمهما – مصدر من مصادر التشريع بموجبه يمكن التحريم أو التحليل أو فرض الفرائض ولا يصل بهم الوعي درجة تبصر مخاطر مثل ذاك السلوك وتعارضه مع النصوص القرآنية التي تشير صراحة إلى حصريّة دور الرسول صلى الله عليه وسلم في كونه بشيرا ونذيرا وليس بأي شكل من الأشكال مشرعا أو فارضا لما لم يفرضه الله أو يشرعه لعباده. والأرجح في نظري أن مثل ذلك الإصرار وما يبنى عليه من اعتقاد في تملّك إرادة رب العالمين ونيل الحظوة عنده والتفرّد بها من دون بقية الخلق تعصّب لا يقدّم ولا يؤخّر وتأسيس على الأوهام ومزايدة رخيصة باسم الدين والتديّن. 

وفي الأخير أود الإشارة إلى أن إخفاء الوجه (عنوان هوية الكائن البشري) في المجتمع أقرب إلى الجريمة أو مظنة الرغبة في القيام بها منه للدلالة على التقوى أو الورع أو الالتزام الديني وخلفية إضمار النية عند القيام بإخفاء الوجه بالتعبير عن الاعتقاد بأن الآخرين الذين لا يقومون به عصاة ومارقون أو مخالفون لنصوص الشرع على أقل تقدير هي مثار التخوّف من سلوك المنقبات وكل المدافعين عن حريتهن المزعومة.

وحديث كل المدافعين عن حقّ المنقبات باسم الدين الإسلامي وبلغة التقرير بما يفهم منه أنهم هم أهل الدين دون غيرهم والمدافعون عنه وفي شكله الصحيح هو محور الخلاف بيني شخصيا وبينهم لما أرى فيه من غرور وتعدّ على حقوق كل المسلمين في أن يحترم حقهم في تقدير طبيعة علاقتهم بخالقهم وفهمهم لمضامين خباياها وصبغتها المباشرة خارج أي وساطة من أي نوع كانت وباسم زعم مغالط ببلوغ درجات متقدمة من العلم بأمور الدين تبيح لأصحابها تنصيب أنفسهم مشرعين أو ناقلين لشرع يجب إتباعه دون جدال أو نقاش وتهمة كل من يسعى لمحاورتهم ومقارعتهم بالتبصر والعقل وتدبّر معاني القرآن بأنه يتبع هواه جاهزة أو بسؤاله استنكارا ما إن كان من المؤمنين الذين أمرت نساؤهم بالحجاب في القرآن أم لا منهج يروم التغطية على القصور الفكري عن بناء خطاب مقنع يستقيم دون الاستعانة بالتخويف والترهيب من العذاب والحساب كما لو كان نفاذهم ليقين بعلم مصائر الناس عند الله يوم القيامة معطى ثابت وحظوة لهم عند الله دون سواهم.

زيني محمد الأمين عبّاس
14 ديسمبر 2011