فبراير 4, 2011
فضل الشعب التونسي على بقية الشعوب العربية
بات من شبه الأكيد اليوم مع ما تشهده جمهورية مصر العربية من مظاهرات واحتجاجات الملايين الهادفة للإطاحة بنظام الرئيس محمد حسني مبارك الذي يتربع على عرش الجمهورية منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي وما تشهده شوارع صنعاء بجمهورية اليمن من تململات تسخينية استبقها الرئيس علي عبد الله صالح بإعلانه التراجع عن نيية تعديل الدستور ليسمح لنفسه بالترشح لفترة رئاسية جديدة وزاد تنازلا آخر أكبر بكبّ كل جهود منتسبي حزبه الرامية لتحضير المجتمع اليمني لوراثة صالح الإبن وقائد الحرس الرئاسي لأبيه إضافة إلى كل التنازلات والإجراءات الإصلاحية التي شهدتها كل من الكويت بالوعود المادية لشعبها والسياسية في الأردن بالتعديل الوزاري والوعد برفع حالة الطوارئ في الجزائر وتخفيض الأسعار في موريتانيا……..، أن الشعب التونسي ذو فضل جليل على كل الشعوب العربية بفتح نهج الثورة الشعبية العفوية لفرض تغيير الأنظمة التي تجثم على صدور هذه الشعوب منذ الإستقلال وحتى اليوم وتئد في وجدان كل فرد من أفرادها الأمل في أن يعيش يوما في بلد تحترم فيه حقوقه ويعامل على أساس أنه مواطن مجرّد من كل الأحقاد تجاه ما يرمز إلى الدولة المركزية من رمزيات تصب جميعها في شخص الرئيس “المتبصّر” “المصلح” “الصادق” “المستنير”……… صاحب الرؤية المطلقة الوحيدة المتبصرة لمصالح شعبه والذي تكرس جميع القوانين وأجهزة الدولة لتنفيذ برامجه وأدواتها البوليسية لتخميد أدنى أشكال معارضته ولو بالأفكار. تلك الأنظمة التي تشترك جميعها في خاصية التعفن والإنغلاق والفساد والسطو على المال العام وتتبع نهج القمع المنظم لشعوبها وترفع شعارات مقاومة إسرائيل والإستعمار وشماعات مكافحة الإرهاب وتكسب ثقة البلدان المتنفذة في العالم بقدرتها على ضمان الإستقرار خاصة في فترة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 حيث تحولت أولويات الديمقراطيات الكبرى من مساعي نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ومكافحة فساد الأنظمة إلى التحالف مع تلك الأنظمة ووكسب ودها ودعمها للاستفادة من خبرتها في القمع والتعذيب لاستقاء المعلومات من الموقوفين واعتبار قدرتها على توفير الإستقرار معيارا أوحد لشرعية تمثيلها شعوبها وطلب مصالحها غاضّة الطرف عن كل ما يقوم به الزعماء من ليّ لأعناق الدساتير وتحايل على الشعوب لضمان البقاء في السلطة وتوريثها إن لزم الأمر لرؤساء شبان.
فضل أهل تونس علي الشعوب العربية كبير والأمل كله اليوم معلق على أن تكون كل هذه الثورات تأسيس لحياة ديمقراطية حقيقية سمتها التعددية الفعلية والإيمان الصادق بمشروعية ونجاعة الإختلاف في الرأي وحرية التعبير والممارسة المشروعة للعمل السياسي حتى وإن مرّ ذلك بفترة من “الديموضوية” نشهد خصائصها في كل من تونس ومصر حيث تتجلى سمات الديمقراطية في الحرية المبالغ فيها في التعبيرعن الرأي والممارسة غير المحدودة بضوابط للتظاهر والاحتجاج وانفتاح وسائل الإعلام على كل ذي وجهة نظر ورأي وغياب هيمنة الدولة على الشأن العام إلى جانب سمات الفوضى العارمة التي يعيشها المجتمع ممثلة في سحب المؤسسة الأمنية ومظاهر النهب والسلب التي صاحبت ذلك وانهيار الجهاز الإداري وتصفية الحسابات الواسعة والضيقة واطلاع المدنيين بمهام رجال الأمن لحماية الأرواح والممتلكات وانفلات الحدود ومخاطره في ظل طغيان ثقافة الفكر السلفي والتكفيري الممزوج بالعمل المافيوزي الذي يتخذ من مساحات شاسعة في منطقة الساحل مرتعا له.
زيني محمد الأمين عبّاس
04 فيفري 2011