مايو 10, 2013
الدّين ضرورة والمبالغة في التديّن اضطرار
الدّين ضرورة بشرية ولّدتها القدرة على الإدراك بملكة العقل التي حظا الله بها الكائن البشري وبموجبها سخر له الأرض بما عليها يتصرّف فيها كيف ما يشاء وترتبت عليه مقابل نعمتها حتمية الحساب.
بالعقل وحده ينفذ الكائن البشري إلى حقيقة أنه خلق دون إرادته وأنه لا يتحكم تماما في كل مقومات سلامته في الدنيا وتزداد هواجسه بالقدرة على إدراك أن مصيره محتوما ويعلمه والغيب يحجب مآله وتفاصيله… كل ذلك يجعل من سلاح ملكات العقل أقصر السبل والطرق لتحقيق التوازن الذي لا يمكن أن تستقيم الحياة بسواه. فيكون الإيمان والاعتقاد والتسليم … ويكون في محصلة كل ذلك الدّين إن بالتبني أو بالابتكار.
الدّين إذن هو مقوّم ووسيلة توازن الكائن البشري به وعبره يسلّم بأن ثمة متعال وأنه الخالق والساهر على تحقيق راحة النفس في الدنيا والمأمول في أن يشمل بعفوه ورحمته مآلها في الآخرة حتى وإن اختلفت درجات التدين وأنواع الديانات.
أما التدين فهو في جزء فهمه الموضوعي كل المظاهر الدالة على تبني وإقرار منظومة دينية ما وإتباعها والقيمَ والالتزام بممارسة شعائرها واجتناب نواهيها … ويختلف التدين في جوهره عن المبالغة فيه والإصرار على الظهور بمظاهره لحد مظنة الاعتقاد باحتكار الدّين من دون جمهور المتدينين وهذا للرياء أقرب منه لصادق شيم التقوى والورع والاستقامة وهو في مجتمعاتنا العربية والإسلامية يكاد يكون وضع الحال عند الكثيرين.
أقل دوافع المبالغين في التمظهر بمظاهر الدين اخفاء دونية الأهلية وسطحية العلم والتفقه في الدّين بل والصفات المنافية لروح وجوهر الدّين أحيانا مثل دلائل ظن تملّك الخالق أو إرادته والجزم والقطع بما لم يقطع به على نفسه من ادعاءات واجب أن يجازي أو يكافئ هذا بناء على ما يقوم به من ظاهر اتباع الأوامر والامتناع عن النواهي ويعاقب ذاك على أساس يقين غير محقق بالفجور أو الكفر وتوعده بالثبور…
هم مضطرون للبسملة بالتبريح وإعفاء اللحى والتسبيح وجرّ أذيال الأردية والأقمشة كالتماسيح كل ذلك في سبيل أن يقال عنهم أهل الدّين من دون الناس وفي جنات ربهم يوم القيامة ملّاك المفاتيح.
زيني محمد الأمين عبّاس
10 ماي 2013